السبت، 11 أبريل 2009

خماسيه الامل

خماسية الألميتبادر سؤال إلى نفس كل أبي :
لماذا ننهزم و نهزم و هم ينتصرون و يسودون ؟!هل ككُتب علينا أن نُذبح ذبح النعاج , و نسبى سبي العبيد ؟و نتجرع كأس الهوان , و تستعلي علينا يهود ؟!و يتحكم فينا الظلمة ؟! و يبدد ثرواتنا المفسدون ؟!هل قدرنا أن نؤكل قطعة قطعة و نباد شعبا تلو آخر ؟!إخوتـــاه .. أكل الجراد زروعنا .. داس التتار بلادنا .. و تقطعت أوصالنا أمام عيوننا , و الأمة التي كانت واحدة صارت ماضيا بعد أن عدنا شراذم , فإذا الفرقة و التشتت شعار .. مصائب سلبت الأجفان كراها , و الأبدان قواها , فالعقول مجروحة , والدموع مسفوحة , و القوى مهدودة , و طرق العلاج مسدودة , فلا يد لمخلص تكتب اليوم إلا بحرقة , و لا نَفَس يتردد إلا على همّ, و لا عين تنظر إلا من وراء دمع , ولا صدر ينطوي إلا على أذى , الهموم واردة و الأفراح عنا شاردة ,, حتى صدق فينا قول الشاعر الأندلسي ينعي حالنا و حاله : ما بال شمل المسلمين مبدد فيها *** و شمل الضدّ غير مبدد ماذا اعتذاركمُ غدا لنبيكم *** وطريق هذا العذر غير ممهد إن قال لمَ فرطتمُ في أمتي *** و تركتموهم للعدو المعتدي تالله لو أن العقوبة لم تُخِف *** لكفى الحيا من وجه ذاك السيد و كل يوم , بل كل ساعة .. تنهمر علينا أخبار تشيب الوليد, و يقرع اسماعنا من الأحزان ما يذيب الحديد , فكم عبرة و زفرة, و أنة و حسرة , وتململ و اضطراب , و اشتعال و التهاب .ليس ذلك فحسب , بل بعد أن كنا سادة الأمم عصورا طويلة صرنا في ذيلها . أراد الله لنا أن نسمو و نقدم الرسالة الخاتمة للناس في أحسن صورة فشوّهناها و لطخناها بفعالنا , و بدلا من أن نكون سفراء الهداية الإلهيةإذا العالم بأسره يشهد علينا بالتخلف و الرجعية , أقوالنا تدعوهم إلى الإسلام و أفعالنا تصدهم عنه, كلماتنا تقول لهم : أقبلوا و حالنا يناشدهم : أدبروا , أهذه خير أمة أخرجت للناس ؟! كلا والله ..ما هم بأمة أحمــد *** لا والذي فطر السما ما هم بأمة خيـــر *** خلق الله بدءاً و انتها ما هم بأمة سيدي *** حاشا فليسوا الأكفيــا ما هم بأمة من على *** الأفلاك قد ركزوا اللوا من حطّم الأصنام من *** أرسى العدالة و الإخــا و أنا هنا في خماسية الألم لن أستغرق في نكأ الجراح و تقليب الاحزان , بل سيكون شعاري :كل غم كان سببا في سرور فهو سرور , و كل ظلمة شقت طريقا إلى النور فهي نور ,, لذا سانظر إلى وجه المحنة المشرق و أتأمل في نصف الكوب الممتلئ , لأستجلي منها العبر و أستخرج لكم الدرر , ومنها : 1. معرفة ســوء عاقبة المعصية :إخوتــاه .. كيف يقدر على الدواء من لا يهتدي إلى الداء , وأصغوا بقلوبكم إلى قول ربكم : {و لقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم و تنازعتم في الأمر و عصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون *منكم من يريد الدنيا و منكم من يريد الآخرة ثم صرَفكم عنهم ليبتليَكم و لقد عفا عنكم و اللهُ ذو فضل على المؤمنين }ففي غزوة أحد لم يؤثر انسحاب رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول بثلث الجيش و هم قرابة الثلاثمائة رجل , بل انتصر المسلمون انتصارا ساحقا في بادئ المعركة , و ولت نساء المشركين الأدبار و على رأسهن هند بنت عتبة , في حين كانت معصية أربعين فقط , سببا مباشرا في الهزيمة , نعم أربعين فقط ,و لم تكن معصيتهم سوى مخالفة الرماة موضعهم الذي أمرهم الرسول صلى الله عليه و سلم بلزومه, فبسبب معصية واحدة جاءت الهزيمة ومقتل سبعين من خيار الصحابة و إصابة رسول الله صلى الله عليه وسلمو شج رأسه الشريف و كسر رباعيتهو التمثيل بأسد الله حمزة,, فكيف بمعاصينا التي لا تعد ولا تحصى ؟!
و الدرس المستفاد :
إن قلة عددنا و ضعف إمكاناتنافي مواجهة عدونا لا تضيرنا , لكن سوء فعالنا و قبيح ذنوبنا مهلك . 2. وضوح الرؤية : اليوم أزيلت الغشاوة من على الأبصار , وولى الليل أعقبه النهار , و كل من كان في عينيه حول و في بصيرته قذى جاءته هذه المحنة شفاء ودواء , و أسفرت له عن حقائق ثلاث : وضوح العدو : فقد أسفر عن وجهه القبيح و عنصريته البغيضة , وسقطت شعارات احترام حقوق الإنسان على أسوار بغداد وفي حارات غزة , وتراجعت ادعاءات حرية الفكر و احترام تراث الإنسانية أمام نهب المتاحف و إحراق المكتبات , وافتضحت كذبة حرب التحرير و نشر اليموقراطية في ضوء واقع الاحتلال المهين . هل لمحتم طيبة من حيّـة *** أو لمستم رقّة من عقرب ؟!وضوح المعركــة : فهي معركة بين الحق و الباطل , وبين الكفر و الإيمان , وقد سقطت الأقنعة بعد أن تواترت التلميحات و التصريحات أن العدو القادم هو الإسلام , وبرزت كلمة الحروب الصليبية على ألسنة الأعداء لتفضح ما في الصدور و تكشف ما استتر من عداوة في القلوب .و ضوح الحــل : الإسلام و لا حل غيره, فقد سقطت كل الحلول الأرضية و الطرق الدبلوماسية و الشعارات القومية , و تقطعت أسباب الأرض و لم يبق سوى مدد السماء , و قد بدا جليا أن الإسلام إذغ نزل المعركة فرّ الأعداء , وأن العقيدة إذا برزت توارى الجبناء .3. الذل للــه مفتاح نصره : إذا امتحن الله عباده بالهزيمة فذلّوا و خضعوا .. استوجبوا منه العز والنصر , فإن باب النصر إنما يفتح بمفتاح الذل . قال تعالى : { و لقد نصركم الله ببدرٍ و أنتم أذلّة } و قال : { و يوم حُنينٍ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تُغنِ عنكم شيئا }, فإذا أراد الله سبحانه أن يعز عبده و ينصره .. كسره أولا !! ليكون نصره له على مقدار ذله و انكساره له و تضرعه و دعائه إليه . في عهد عبد الرحمن الناصر الخليفة الأموي على الأندلس , أمسكت السماء يوما عن المطر , حتى جزع الناس و ضجوا بالشكوى , فدعا الخليفة الناس إلى الاستسقاء , و كان القاضي يومئذ هو المنذر بن سعيد , فبعث إليه الخليفة ليؤم الناس في الصلاة , واما جاء رسول الخليفة , قال له المنذر : ما شأن الخليفة اليوم ؟! نصلي للاستسقاء و هو جالس في قصره غائب عنا لا يُدرى على أية حال هو !!فرد عليه الرسول : ما رأينا الخليفة أخشع منه في يومنا هذا , إنه منتحب حائر , منفرد بنفسه , لابس أخشن الثياب , مفترش التراب ’ قد جعل التراب فوق رأسه وخلال لحيته , يبكي معترفا بذنوبه , يناجي ربه :أتراك تعذب الرعية بي ؟! و أنت أحكم الحاكمين !! لن يفوتك شيء مني بعد اليوم.فتهلل وجه المنذر و قال : يا غلام .. احمل المطر بين يديك _ كناية عن ان الغيث آت _ ثم قال :" إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء " , ولم ينصرف الناس عن المصلى حتى نزل المطر كأفواه القرب !!4. الضربة التي لا تميتك .. تقويك إن النفوس تكتسب من العافية الدائمة و النصر و الغنى طغيانا و ركونا إلى العاجلة , و ذلك مرض يعوقها عن جدّها في سيرها غلى الله و الدار الآخرة , فإذا أراد الله بها خيرا قيّض لها من الابتلاء و الامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن الوصول إليه , فيكون ذلك البلاء و المحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه لاستخراج الأمراض منه, ولو تركه لغلبته الأمراض حتى يكون فيها هلاكه .5. الشهادة أشرف وسام : الشهداء هم خواص الله و المقربون من عباده , ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتسليط العدو. قال عزوجل : { و يتخذ منكم شهداء و الله لا يحب الظالمين } فلأنه يكره الظالمين لم يتخذ منهم شهداء ولو أحبهم لقلدهم هذا الوسام و أنالهم هذا الشرف كما فعل مع المؤمنين . تعبير قرآني عجيب يقلب التصورات البشرية عن الربح و الخسارة وما لك اوما عليك , فالشهداء هم المختارون من بين كل الناس ؛ يتخذهم الله لنفسه ويستخلصهم من بين خلقه ويخصهم بقربه ويميزهم عن غيرهم بهذا الوسام المضمخ بالدم الفواح , فما هي و الله بمصيبةولا خسارة إنما هي الأرباح ودليل التكريم العلوي و الاصطفاء الإلهي ,
فالدرس هنا :
من حَسُنَ صفاؤه وجب اصطفاؤه , وما اقتناء المناقب إلا باحتمال المتاعب , و إحراز الذكر الجميل إنما هو بالسعي في الخطب الجليل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جزاك الله خيرا